أخبار وطنية الصحفيون المشاركون في أسطول الصمود يوثّقون الوجه الحقيقي للاحتلال في "جهنّم" معتقلاته... أقفاص "غوانتانامو" وترهيب وأكثر من جحيم
نظمت نقابة الصحفيين التونسيين ظهر الاربعاء 15 أكتوبر 2025 بمقرها، لقاءً تكريميا للصحفيين المشاركين في أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة...
خلال هذا اللقاء التكريمي الذي اعتبرته النقابة تكريمًا مستحقًا لمهنة الصحافة ورسالتها الإنسانية، قدّم الصحفيون شهاداتهم الحيّة حول تجربتهم الميدانية والإنسانية ضمن أسطول الصمود العالمي... شهادات كشفت حجم لا إنسانية ووحشية الكيان الصهيوني وما أقدم عليه من تنكيل معنوي ومادي للمشاركين الذين رغم كلّ ما تعرّضوا له وقفوا صامدين في وجهه رافعين شعارات داعمة لأهالي غـ..زة ومناهضة للإبادة الجماعية...
وقد نقل الصحفيون المشاركون في شهاداتهم واقع الملحمة الإنسانية الاستثنائية التي عايشوها بشجاعة، موثّقين كلّ أبجديات التجربة التي تحمّلوا كلّ مخاطرها فقط في سبيل الدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومن أجل نقل الحقيقة ومزيد فضح عنجهية الكيان المحتلّ.
كنا نعتبر اننا ما نقوم به لا يساوي شيئا أمام ما يتعرض إليه زملاءنا الصحفيين في غزة فالخبر بالنسبة لهم أضحى يساوي الموت وما قمنا به ليس بطولة فلأبطال الحقيقيون هم من كانوا على الميدان – الصحفي لطفي حجي-
وشدّد الصحفيون المشاركون على حجم التضامن الذي كان يجمع جميع المشاركين على متن سفن أسطول الصمود العالمي فرغم اختلاف جنسياتهم وبلدانهم واطيافهم ولغاتهم، إلّا أنّ إيمانهم بالقضية الفلسطينية ورغبتهم في إيصال رسالتهم الإنسانية الداعمة لأهالي غزة والرافضة للإبادة المسلّطة عليهم قد جمعهم ووحّدهم..
سئمنا البيانات والشجب ونعتذر من أشقانا في غزّة لأننا لم نتمكّن من الوصول -المصوّر الصحفي ياسين القايدي-
كما تطرّق المُشاركون إلى الظروف اللاإنسانية التي مروّا بها أثناء تفتيشهم والسطو على كل ما كانوا يمتلكونه، وإلى ما عاينوه من وحشية البوليس الصهيوني خلال اعتقالهم حيث تم الزجّ بهم في أقفاص مخصصة للحيوانات معدّلة بدرجات برودة وحرارة لا تطاق ومورست عليهم كل اشكال الترهيب النفسي والجسدي: رشّهم بالمياه في عرض البحر، منذ وصولهم الى ميناء أسدود تم إجبارهم على طأطأة الرأس والركوع عنوة لمدة وصلت إلى 5 ساعات واكثر تحت أشعة الشمس الحارقة، الاعتداء عليهم بالضرب والتعنيف، منعهم من النوم في المعتقل، حرمان غير المضربين عن الأكل من الماء والطعام، الدوس على يد المصوّر الصحفي وممثل نقابة الصحفيين ياسين القايدي والاعتداء عليه بالعنف الشديد...

في ذات الإطار وثّقت الكاتبة الصحفية ألفة لملوم، من خلال شهادتها ما تعرضت إليه الناشطات المشاركات في أسطول الصمود العالمي من ترهيب نفسي معنوي وعنف مادي جسدي حيث تعرضت العديدات منهنّ إلى الضرب والدفع والحرمان حتّى من الادوية الحياتية حيث تشير لملوم أنّ ناشطة من جنوب إفريقيا كانت تعاني من مرض السرطان تم رفض منحها أدويتها رغم الاوجاع الشديدة التي كانت تشعر بها أثناء الاعتقال وقد تم استغلال ذلك لإجبارها على التوقيع إلّا انها لم ترضخ وضلّت صامدة في وجه البوليس الصهيوني..

وتذكر الكاتبة الصحفية في شهادتها ما تعرّضت إليه الى جانب عديد الناشطات والنشطاء خاصة وهي على متن سفينة أورورا التي تدرجّت تفاصيل اعتراضها في الليلة الممتدة بين 1 و2 أكتوبر ابتداءً من الساعة الثامنة والنصف مساءً من ظهور أولّي للسفن التي وصّفتها المتحدّثة بالأشباح نظرا لبروز أضوائها ثمّ اختفائها فجأة قبل أن يتم في مرحلة ثانية رشّهم بالماء لمرّتين وفي مرحلة ثالثة اقتحام سفينتهم من قبل ما يقارب 20 ملثّما كانوا مدجّجين بالأسلحة أغلبهم من الرجال وبعض النساء..
التهمة: "خرق مجال حربي نشط والدخول عنوة الى المجال السيادي الإسرائيلي"
وتضيف ألفة لملوم انه ومثل ما حدث مع بقية سفن الأسطول العالمي لكسر الحصار على غزة فقد وقع تفتيشهم والسطو على امتعتهم وعلى جوازات سفرهم قبل أن يتم التوجّه بهم نحو ميناء اسدود، وهنا توثّق في شهادتها: " ركّعونا على مدخل الميناء تحت الشمس الحارقة وبقيت في هذه الوضعية شخصيا لمدة ساعتين بينما أُجبر زملاء آخرون من الأسطول على المكوث في تلك الوضعية لمدة 5 ساعات فيما ضرب أخرون ودفعهم بطريقة وحشية ومنهم من كان معنا على متن سفينة أورورا..."
وتضيف "ثم فتشنا من جديد وتم السطو على أمتعتنا والتقاط صور لنا وتلاوة التهمة التي أصدروها في حقنا، وهي "خرق مجال حربي نشط والدخول عنوة الى المجال السيادي الإسرائيلي".
الصحفية ألفة لملوم أكدت في شهادتها أيضا أنه وعلى رغم هول ما تعرّضت إليه النساء المشاركات في الاسطول إلّا انّ صمودهن واستبسالهنّ كان استثنائيا ورغم ذلك "وضعت في الصدارة بطولات الرجال وهمشت بطولات النساء"..

وتسترجع المتحدّثة تفاصيل تتعلّق بظروف نقل النشطاء والناشطات الى معتقل صحراء النقب، حيث تم الزجّ بهم في مجموعة من الأقفاص كل قفص خُصّص لـ3 أشخاص وأقفلوا عليهم لساعات قبل الوصول الى معتقل كسيديعوت موصّفة إياه بـ "جهنم المعتقلات الإسرائيلية " وهو يتسع لآلاف المعتقلين وقد أنشئ في مارس سنة 1988 خلال الانتفاضة الفلسطينية الاولى ويعد من اكبر مراكز الاحتجاز الاسرائيلية من حيث المساحة اذ يمتد على نحو 400 ألف متر مربع في صحراء النقب، وقد أغلق السجن سنة 1995 قبل ان يتم فتحه سنة 2002.
أقفاص غوانتانامو
وتشير الصحفية إلى أنه تم بعد ذلك الفصل بين النشطاء والناشطات بالكامل، حيث وضعت الناشطات في قفص ضمّ العشرات من الناشطات مختلفات الجنسية والبلد زكان بينهنّ مناضلات وسياسيات... وهنا تضيف لملوم لتكشف حجم نذالة المحتل: "وقع تجريدنا من ثيابنا بالكامل ثمّ عرضنا على طبيب كانت مهمته الوحيدة التقاط صور لنا لكل واحدة منا صورة أمامية وصورة خلفية... ثم حرمنا من النوم والماء والأكل لمدة 24 ساعة بالنسبة لغير المضربين عن الطعام كما تم تعليق شاشات كبرى على حائط قفص الاعتقال في الليل وأجبرننا كامل يوم الأحد على مشاهدة فيلم يروي أحداث 7 أكتوبر بصوت قوي وصاخب..."
وتؤكد الكاتبة الصحفية انّ الناشطات رفّعن من وتيرة الاحتجاجات داخل المعتقل منذ الساعات الأولى لاعتقالهنّ.
وعن الأقفاص التي تم الزجّ بالناشطسن والناشطات داخلها، تشير لملوم أنها هي نفسها التي كانت موجودة في معتقل غوانتانامو وكان قياسها لا يتجاوز 15 متر مربع، مشيرة إلى أنه تم توجيه 3 أسئلة وصّفتها بالساذجة للناشطات السؤال الأول: هل تريد العودة إلى بيتك؟ والسؤال الثالث هل لديك جواز سفر صالح؟
وتبيّن ألفة لملوم في شهادتها أن الموقف الفرنسي كان من "أحقروأخزى" المواقف الأوروبية على حد تعبيرها، حيث لم توافق الحكومة الفرنسية على تخصيص اي طائرة لترحيل حاملي الجوازات الفرنسية من المعتقلين والمعتقلات ولولا طائرة يونانية لكانوا مكثوا هناك إلى يوم الاحد...
عن صمود الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ
وعن الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ ، تقول الصحفية لملوم أنّ صمودها كان مذهلا وتاريخيا مضيفة "لا تتصورون مدى الضغط الذي كان يُسلّط عليها... كانت يوميا تُستدعى لمدة مرتين الى ثلاث مرات ورغم محاولة الضغط والتأثير عليها إلّا أنها صمدت وظلّت تضحك لآخر لحظة رغم تعنيفها ماديا ومعنويا... هذه الشابة علامة بارزة لهذا النضال المعولم والمركزي للدفاع عن القضية الفلسطينية... والى جانب مقاومة الفلسطينيين ونضالهم الذي لا يقارن فان هذا الحراك يأتي كسبيل للتحرر من ميزان القوى القامع للقضية والتخلّص من المشاريع التي تهيئ لردم وانهاء القضية والتطبيع مع الابادة... "

وتقرّ المتحدّثة في ذات شهادتها أنّ هذا الحراك كان بمثابة علامة فارقة وقوية للانتصار والشجاعة كانت معدية وهي شجاعة فعل وعمل جماعي، وكنا مقتنعين كلّ الاقتناع بشرعية هذا الحراك ورسالته الانسانية ورغم كل التهديدات التي وصلتنا لكننا لم نتراجع...
مواكبة: منـــارة تليــجاني